الحوار الوطني في اليمن خلف الأبواب مغلقة
الأربعاء 19 يونيو 2013
تم نشر هذا المنصب أصلا في مصدر من قبل MENA المجلس الأطلسي.
بدأت فعاليات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بتاريخ 18 مارس ووصلت تقريبا إلى منتصف الطريق لإنهاء ما خطط لإنجازه في فترة الستة الأشهر، كجزء محوري من العملية الانتقالية بهدف جمع اليمنيين بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية والجغرافية، والعرقية لطرح ومناقشة أهم القضايا التي تعاني منها البلاد. وللأسف، فإن الطريقة التي بني عليها الحوار، في هيكليته وادارته خلق عيوبا جوهرية قد تقوض نجاحه. حيث يرى البعض أن العدد الكبير من المشاركين بالإضافة الى غياب التمثيل الحقيقي خارج الأحزاب السياسية هي من الأسباب التي تؤدي الى الحكم عليه بالفشل. ويرى آخرون أن الحوار يتقدم بسرعة كبيرة جدا، أغفل المصالحة الحقيقية والصادقة بين الأطراف المتحاورة كمحور أساسي في المعادلة. وأحد المآخذ الرئيسية على مؤتمر الحوار يتمثل في عدم وجود تواصل واضح مع الجمهور اليمني، وغياب الشفافية في الإجراءات، والرقابة على النفقات.
وبرغم تشاؤم بعض الخبراء اليمنيين حول مستقبل البلاد، الا انهم يحجمون عن نقد الحوار كون النتيجة لا تزال غير واضحة وينظرون إلى الحوار باعتباره السبيل الوحيد لمنع انزلاق البلاد نحو حرب اهلية. وذلك يعود لكون عملية الحوار مبهمة ولوجود شكوك حقيقية حول مبادرة مجلس التعاون الخليجي الانتقالية والحوار نفسه. ونجد في الواقع يجب على القائمين على الحوار الرفع بتقارير عن انجازات كل فرق العمل والفعاليات ذات العلاقة، ونشرها مع كل المخرجات للعامة، والكشف عن جميع التبرعات والمخصصات المالية، فهذا هو الوقت المناسب لقياس الاختلاف بين الأهداف المعلنة للحوار وما يجري على الأرض، إذا كان وجدت نية صادقة لتحقيق تقدم فعال.
لقد ذكرت اللجنة الفنية للحوار الوطني بوضوح في بيانها الصادر في ديسمبر 2012 أن الحوار سيكون له قناته الإذاعية والتلفزيونية الخاصة، لكن هذا الوعد لم يجد طريقه للنور، وبدلا من ذلك، عمد القائمون عليه لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة كتويتر، وفيسبوك، ويوتيوب، مستهدفين بدرجة رئيسية المجتمع الدولي، كون أقل من 15% من اليمنيين فقط يستخدمون الإنترنت، ومنذ 18 مارس لم تتجاوز التعليقات على أي منشور في صفحة الحوار الوطني على الفيسبوك أكثر من تسعة تعليقات.
على الرغم من محاولة الأمانة العامة الحوار نشر بعض المعلومات على موقعها على شبكة الانترنت، يتسم المحتوى بإغفال التفاصيل المهمة التي توضح معلومات مهمة تخضع في غالب الاحيان للتفسيرات المختلفة من وسائل الإعلام الحزبية، فبينما تقل المعلومات المنشورة عن بعض محاور الحوار، تغفل محاور آخرى تماما. فعلى سبيل المثال، فلا تزال التقارير النهائية من تسع من لجان العمل غير معتمدة، ولذا نجد بعض التقارير متوفرة بشكل غير رسمي نتيجة لتسريبها. بالإضافة الى عدم توفر قائمة رسمية محدثة بأسماء المشاركين منشورة في الموقع أو في أي مكان آخر، خاصة أن ما يقرب من ثلاثين عضوا انسحبوا من الحوار أو تم استبدال. أضف الى ذلك فانه لا يوجد سجل رسمي للمنظمات والوكالات الداعمة للحوار، كالأمم المتحدة، والبنك الدولي، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ان غياب الإفصاح يثير العديد من التساؤلات الهامة بشأن طبيعة وحجم الدعم الذي وفرته المنظمات الدولية، فالحوار ينعقد في فندق موفنبيك الأفخم في اليمن، وتم توفير خبراء أجانب في الحوكمة، واستشاريين بمكافأت مجزية، ولكن لا يعرف الا القليل بشأن ماهية هؤلاء الخبراء، وما هي المساعدة التقنية التي تقدم اليمنيين، وما مدى استفادتهم منها. ومع كل هذا الغموض نجد من السهل أن يتهم القائمين على الحوار بإخفاء الانتقائي للحقائق.
ان هذا النقص في المعلومات وعدم وجود الرقابة المجتمعية يلقى باللوم في بعض الأحيان على توفر الموازنة اللازمة برغم من تأكيد الموقع الرسمي للحوار توفر 138 أجهزة الكمبيوتر، 35 جهاز كمبيوتر محمولة و225 هاتف محمول. وكانت الموازنة الأولية للحوار تبلغ 35 مليون دولار تم صرف 29 مليون دولار منها وفقا لتقارير صدرت مؤخرا. اما ما يتم صرفه لأعضاء الحوار المقيمين في صنعاء فنعرف مما يتداوله الناس بأنه 100 دولار في اليوم أما المقيمين خارج صنعاء فيتقاضون 180 دولار في اليوم الواحد. وعليه فقد تم إنفاق الملايين على بدل الجلسات لأعضاء الحوار، ومقابل خدمات للخبراء الأجانب، والمصروفات الإدارية للعمليات اليومية، والى الان لا يتوفر مصدر متاح بشكل رسمي لتوفير المعلومات الدقيقة والنهائية بشأن هذه النفقات والموازنة بشكل عام للحوار. ان توفر الشفافية ليست مهمة للحوار فقط، ولكنه أيضا سيشكل سابقة إيجابية كممارسة ترسى للحكومات اليمنية القادمة وكيف ستقوم بعمل الموازنات، والنفقات، والرقابة على الأموال العامة، وبدون الشفافية المالية فإن المواطن اليمني العادي لا يملك سببا وجيه للثقة بالحوار أو بالعملية الانتقالية، أو بأي حكومة قادمة.
كما أن فعاليات الحوار وممارسات الشفافية في مؤتمر الحوار الوطني، تحتاج الى تطوير مستمر. حيث يؤكد جمال بن عمر -لميسر الرئيسي للمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن-أن الحوار هو العملية الانتقالية الأكثر نجاحا في العالم العربي والعملية الشفافة الوحيدة التي ستثمر نتائج حقيقية. ولكن بعد ذلك التصريح وفي العديد من المقابلات فند شائعات تتحدث عن أن النتيجة محسومة سلفا أو أن الحلول المطروحة صاغتها النخب الحاكمة القديمة خارج عملية الحوار القائمة. وكانت تلك التصريحات بمثابة تأكيدات للجمهور بسبب الغموض الذي يحيط بعملية الحوار، ولكن الطريقة المثلى لضمان عملية انتقالية ناجحة هي إشراك الشعب اليمني –بكل صراحة، بشكل دائم وفعال، شامل لكل التفاصيل-. فأولا وأخير نجد الشفافية لا تضمن نجاح الحوار، وإنما هي شرط لا غنى عنه لكسب ثقة الشعب اليمني.